فصل: الشاهد الثالث والسبعون بعد السبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.ذوي عبيد الله.

فأما ذوي عبيد الله فهم المجاورون لبني عامر بن زغبة من سلطان بني عبد الواد من زناتة فمواطنهم من بين تلمسان إلى وحدة إلى مصب وادي ملوية في البحر ومنبعث وادي صامن القبلة وتنتهي رحلتهم في القفار إلى قصور توات وتمنطيت وربما عاجوا إلى ذات الشمال إلى تاسابيت وتوكرارين وهذه كلها رقاب القفر إلى بلد السودان وبينهم وبين بني عامر فتن وحروب موصولة وكان لهم مع بني عبد الواد مثلها قبل السلطان والدولة فما كانوا أحلافا لبني مرين وكان المنبات من ذوي منصور أحلافا لبني عبد الواد فكان يغمراسن يوقع بهم أكثر أوقاته وينال منهم إلى أن صحبوا بسبب الجوار واعتزت عليهم الدولة فأعطوا الصدقة والطوائل وعسكروا مع السلطان في حروبه.
ولم يزل ذلك إلى أن لحق الدولة الهرم الذي يلحق مثلها فوطنوا التلول وتملكوا وجدة وندرومة وبني يزناسن ومديونة وبني سنوس إقطاعا من السلطان إلى ما كان لهم عليها قبل من الأتاوات والوضائع فصار معظم جبايتها لهم وضربوا على بلد هنين بالساحل ضريبة الإجازة منها إلى تلمسان فلا يسير ما بينهما مسافر أيام حلولهم بساحتها إلا بإجازتهم وعلى ضريبة يؤديها إليهم وهم بطنان الهراج والخراج فالخراج من ولد فراج بن مطرف بن عبيد الله ورياستهم في أولاد عبد الملك وفرج بن علي بن أبي الريش بن نهار بن عثمان بن خراج لأولاد عيسى بن عبد الملك ويعقوب بن عبد الملك ويغمور بن عبد الملك.
وكان يعقوب بن يغمور شيخهم لعهد السلطان أبي الحسن ولما تغلب على تلمسان استخدم له عبيد الله هؤلاء وكان يحيى بن العز من رجالة بني يزناسن أهل الجبل المطل على وجدة وكان له قدم في خدمة الدول فاتصل بالسلطان أبي الحسن ورغبه في ملك قصور هذه الصحراء فبعثه مع هؤلاء العرب في عسكر ودخل معهم إلى الصحراء وملك تلك القصور واستولى عليها وأسف عبيد الله بانتزاع أملاكهم وسوء المعاملة لهم فوثبوا به وقتلوه في خبائه وانتهبوا عسكر السلطان الذين معه ونقضوا الطاعة وفر يعقوب بن يغمور فلم يزل شريدا بالصحراء سائر أيامه ورجع بعد ذلك.
ثم عادت دولة بني عبد الواد فصدوا في ولايتها فلم يزل على ذلك وخلفه إبنه طلحة وكان أيام خلاف يعقوب وانتقاضه رأس على الخراج من أهل بيته منصور ابن يعقوب بن عبد الملك وإبنه رحو من بعده وجاء أبو حمو فكان له في خدمته ومخالطته قدم فقدمه شيخا عليهم فرياستهم لهذا العهد منقسمة بين رحو بن منصور ابن يعقوب بن عبد الملك وبين طلحة بن يعقوب المذكور آنفا وربما نازعه ولهم بطون كثيرة فمنهم الجعاونة من جعوان بن خراج والغسل من غاسل بن خراج والمطارفة من مطرف بن خراج والمهايا من عثمان بن خراج وفيهم رياستهم كما قلناه ومعه الناجعة يسمون بالمهايا ينسبون تارة إلى المهايا بن عياض وقدمنا ذكرهم وتارة إلى مهايا بن مطرف وأما الهرج فمن ولد الهراج بن مهدي بن محمد ابن عبيد الله ومواطنهم في ناحية المغرب عن الخراج فيجاورون بني منصور ولهم تاوريرت وما إليها وخدمتهم في الغالب لبني مرين وأقطاعاتهم من أيديهم ومواطنهم تحتهم ورجوعهم إلى عبد الواد في الأقل وفي بعض الأحايين ورياستهم في ولد يعقوب بن هبا بن هراج لأولاد مرين بن يعقوب وأولاد مناد بن رزق الله ابن يعقوب وأولاد فكرون بن محمد بن عبد الرحمن بن يعقوب من ولد حريز بن يحيى الصغير بن موسى بن يوسف بن حريز كان شيخا عليهم أيام السلطان عبد العزيز وهلك عقبه ورأس عليهم ابنه ومن ولد متاد أبو يحيى الكبير بن مناد كان شيخا قبل أبي يحيى الصغير وبالإضافة إليه وصف بالصغير ومنهم أبو حميدة محمد بن عيسى بن مناد وهو لهذا العصر رديف لشيخهم من ولد أبي يحيى الصغير وهو كثير التقلب في القفار والغزو للقاصية ولأهل الرمال والملثمين والله مالك الملوك لا رب غيره ولا معبود سواه وهو نعم المولى ونعم النصير.

.الثعالبة.

وأما الثعالبة إخوتهم من ولد ثعلب بن علي بن بكر بن صغير أخي عبيد الله بن صغير فموطنهم لهذا العهد بمتيجة من بسيط الجزائر وكانوا قبلها بقطيري مواطن حصين لهذا العهد نزلوها منذ عصور قديمة وأقاموا بها حيا حلولا ويظهر أن نزولهم لها حين كان ذوي عبيد الله في مواطن بني عامر لهذا العهد وكان بنو عامر في مواطن بني سويد فكانت مواطنهم لذلك العهد متصلة بالتلول الشرقية فدخلوا من ناحية كزول وتدرجوا في المواطن إلى ضواحي المدينة ونزلوا جبل تيطري وهو جبل أشير الذي كانت فيه المدينة الكبيرة فلما تغلب بنو توجين على التلول وملكوا وانشريش زحف محمد بن عبد القوى إلى المدينة فملكها وكانت بينهم وبينه حروب وسلم إلى أن وفدت عليه مشيختهم فتقبض عليهم وأغزى من وراءهم من بقية الثعالبة واستلحمهم واكتسح أموالهم وغلبهم بعدها على تيطري وأزاحهم عنها إلى متيجة وأنزل قبائل حصين بتيطري وكانوا معه في عداد الرعايا يؤدون إليه المغارم والوظائف ويأخذون بالعسكرة معه ودخل الثعالبة هؤلاء في إيالة ملكيش من صنهاجة ببسيط متيجة وأوطنوا تحت ملكتهم وكان لهم عليهم سلطان كما نذكره حتى إذا غلب بنو مرين على المغرب الأوسط وأذهبوا ملك ملكيش منها استبد الثعالبة هؤلاء بذلك البسيط وملكوه وكانت رياستهم في ولد سباع بن ثعلب بن علي بن مكر بن صغير ويزعمون أن سباعا هذا كان إذا وفد على الموحدين يجعلون من فوق عمامته دينارا يزن عددا من الدنانير سابقة في تكرمته وترفيعه.
وسمعت من بعض مشيختنا أن ذلك لما كان من كرامته للإمام المهدي حين أجاز بهم فإنه مر بهم ساعيا فحملوه واستقرت الرياسة في ولد سباع هذا في بني يعقوب بن سباع أولا فكانت لهم مددا ثم في عقب حنيش منهم ثم غلب السلطان أبو الحسن على ممالك بني عبد الواد ونقلهم إلى المغرب وصارت الولاية لهم لأبي الحملات بن عائد بن ثابت وهو ابن عم حنيش وهلك في الطاعون الجارف أواسط هذه المائة الثامنة لعهد نزول السلطان أبي الحسن بالجزائر من تونس فولى عليهم أواسط هذه المائة الثامنة لعهد نزول السلطان أبي الحسن بالجزائر من تونس فولى عليهم إبراهيم بن نصر.
ولم تزل رياستهم إليه إلى أن هلك بعد استيلاء السلطان أبي عنان عن المغربين كما نذكره في أخباره وقام برياستهم إبنه سالم وكانوا أهل مغارم ووضيعه لمكيش ومن بعدهم من ولاة الجزائر حتى إذا هبت ريح العرب أيام خروج أبي زيان وحصين على أبي حمو أعوام ستين وسبعمائة كما ذكرناه وكان شيخهم لذلك العهد سالم بن إبراهيم بن نصر بن حنيش بن أبي حميد بن ثابت بن محمد بن سباع فأخب في تلك الفتنة وأوضع وعاقد أبو حمو وانتقض عليه مرارا وغلب بنو مرين على تلمسان فتحيز إليهم وكانت رسله ووفده تقدموا إليهم بالمغرب.
ثم هلك السلطان عبد العزيز ورجع أبو حمو إلى ملكه ونزلت الغوائل فخشيه سالم واستدعى أبا زيان ونصبه بالجزائر وزحف إليه أبو حمو سنة تسع وسبعين وسبعمائة ففض جمعه وراجع سالم خدمته وفارق أبا زيان كما نذكره في أخباره ثم زحف إليه أبو حمو وحاصره بجبال متيجة أياما قلائل واستنزله على عهده ثم أخفره وتقبض عليه وقاده إلى تلمسان أسيرا وقتله قعصا بالرماح وذهب أثره وما كان له من الرياسة التي لم تكن الثعالبة لها بأهل ثم تتبع إخوانه وعشيره وقبيله بالقتل والسبي والنهب إلى أن دثروا والله يخلق ما يشاء.